تحميل كتاب التأويلية العربية : نحو نموذج تساندي في فهم النصوص والخطابات pdf - محمد بازي - مكتبة كل الكتب | تحميل وقراءة كتب pdf مجاناً (2024)

انطلقت في تأليف كتاب:" التأويلية العربية، نحو نموذج تساندي في فهم النصوص والخطابات" من أسئلة أساس: ما الذي يحقق لدى قارئ معين تأويلية بليغة كما تحققت لمنتجي النصوص بلاغة إنتاجية؟ على ماذا تتأسس هذه البلاغة ؟ ما هي المستويات النصية التي تقوم عليها؟ ما دور المؤول في عملية الفهم والتأويل؟ ما الكفايات التي تلزمه ليبلغ المعاني المقبولة؟ وما هو الدعم الذي تقدمه الموسوعة والسياق؟


فتحت أمامي هذه الأسئلة وغيرها أفقا لرسم الخطوط الكبرى للتأويلية العربية القديمة، في تفاعل أنساقها الدينية، والأدبية، والفلسفية، وفي رصد طرائقها ومرجعياتها، ورهاناتها. وهكذا عدت إلى التراث العربي الإسلامي باحثا عن المادة الكافية لصناعة مفاتيح هذه البلاغة، مع استفادتي من بعض اقتراحات نظرية التأويل الغربية، متفاديا الذوبان الكلي فيها. وبقدر ما كنت تراثيا متأصلا في بلاغتي، كنت مجتهدا عبر عملية استكشافية تركيبية لحداثة تأويلية لا تخلو من مخاطرات.


انطلقت من الكليات والمبادئ العامة لتأسيس منهجية ذات طابع شمولي، ثم قيدتها بعد ذلك بالخصوصيات في كل حالة. وقد وجدت في خطاب التفاسير والشروح تقاطعات عمودية، وأخرى أفقية لآليات التأويلية البليغة التي أبحث عنها. ومن ثمة ركزت على الثوابت الحاضرة في أي اشتغال بالمعنى، سواء في فهم النص الديني أو الأدبي أو النص الفلسفي أو التاريخي، أو القصصي أو غيرها. وتبعا لتلك الأطر الكبرى تنجلي للمؤول المتغيرات التي يدمجها في المدونات الكبرى الأساس.


تحكمت في النسق التأويلي العربي القديم آليات شبه موحدة، تتمثل في الدوائر الصغرى والدوائر السياقية الكبرى، وهي غير مصرح بها في الكتابات القديمة، لكن المتتبع المتأني يمكنه تبيُّنها في تحولات القراءة، وانتقالاتها أثناء بناء المعنى، سواء لدى المفسرين أو الشُّرّاح، فوسَّعتُ من مجال هذه الدوائر، وطبقتها على بعض الوقائع الأدبية، وعلى أنواع مختلفة من النصوص، مستخلصا تصورا يقوم على التساند بين الأنظمة اللغوية، والنحوية، والبلاغية، والرمزية (دوائر النص الصغرى)، وبين الأشكال المعرفية والموسوعية والثقافية( الدوائر الكبرى) التي يمد بها السياق الخارجي، لرفد التأويل ودعمه بأطر ومرجعيات موازية، تغني الفهم ، وتساعد على تأكيد الفروض الاستكشافية التي تسبق الفهم أو تتزامن معه.


تعمل هذه الدوائر في تواز، وتزامن، وانفتاح كامل على بعضها البعض؛ فالبنيات النصية بكل مستوياتها تمثل البناء التحتي القاعدي الذي يمد قنوات الاستكشاف بالعناصر الخارجية عن النص، والتي لها ارتباط به بأي شكل من الأشكال، فهو يستدعيها ويستقصيها، ويستوعب ما تقدمه له من إضاءات، وإشارات، واقتراحات، فتتشكل القراءة التأويلية بناء على هذا التفاعل النصي- السياقي المتناغم.
يتم هذا التساند اعتمادا على علوم مُؤَطِّرة مثل علم اللغة، وعلم المعاني، و علم النحو، و علوم البلاغة، وغيرها من العلوم التي يرتبط بها النص موضوع التأويل، ويتأسس عليها تأويله. إلى جانب قدرة المؤول البليغ على إحداث التجاوبات المقبولة بين الدوائر النصية، والعلوم التي تنضوي تحتها، وفق ما يحتاجه بناء المعاني وإفهامها، و وفق المسار الدلالي العام للنص، ثم انسجاما مع النسق الثقافي المؤَطِّر لإنتاج النص أو تلقيه.

وكل ذلك يتطلب بلاغة في التدبر والتحقق والربط والتنسيق والتأويل؛ فالبحث عن المعنى يتطلب عودة متكررة إلى النظريات، والعلوم، والاقتراحات المعرفية التي يستدعيها التأويل، حيث إن الكلمات والجمل ليست إلا بوابات للعبور إلى ما تقدمه المعاجم، وكتب النحو، والبلاغة من إمكانيات معرفية وتأويلية.


وعندما لا تفي هذه الإجراءات التأويلية بالمطلوب في عملية بناء المعنى، فإن الإستراتيجية التأويلية السياقية تقدم عددا هائلا من المتغيرات الخبرية، والموسوعية، والفكرية، والمذهبية المنتظمة على شكل سجلات وذخائر موازية، تقدم للقراءة السند والعون اللازم لفك الالتباسات، وحالات الإعتام في لحظات الحرج التأويلي وانسداد آفاق المعنى.


وهكذا، يقدم النموذج التساندي لكل الباحثين، و محللي الخطاب، والنقاد، ودارسي النصوص، وخاصة المدرسين والطلبة آليات عمل واقتراحات واعدة للاشتغال على النصوص، والخطابات المختلفة، عبر رصد أجهزتها القرائية النصية، والعلوم المرجعية التي تأسست عليها، وكل الموازيات الغائبة التي يتم استدعاؤها في عملية الفهم والإفهام. كما تساعد المنهجية على إنجاز قراءات لنصوص أدبية وإقرائها للمتعلمين: النصوص القرآنية ، والشعر، والقصص، والروايات، والمناقب، والرسائل، والخطب، والنصوص التاريخية. مع إمكانية تطبيقها على مقتطفات شعرية ، أو نصوص قصيرة، تطبيقا تراعى فيه المتغيرات والخصائص المميزة لكل لون أدبي عبر توجيه آليات العمل لتتكيف معها، في إطار استحضار الدوائر الصغرى وارتباطها بعلوم مؤطِّرة، تتوسع عبرها المعاني؛ تتأرجح أولا لتَتَرجَّح أخيرا، بناء على مدعمات وروافد الدوائر السياقية الموسعة حتى يتحقق الانفراج الدلالي، وتكتمل معالم القراءة وبهجة الاكتشاف، وألق الأجهزة الصقيلة في مرايا التأويل المتقابلة، والتي لا بد وأن تظهر في لحظة من لحظات عملها ظل القارئ المؤول أو شبحه ، أو تفاصيل وجهه كاملة ، أو على الأقل شكل القناع.


و إذا كانت القراءات التأويلية في التراث العربي الإسلامي قد تشكلت بالكيفية التي ناسبت مراحل منتهية، وثقافات محددة، فإن دور التأويلية الحديثة، وتأويلية التساند هو الكشف عن منجزاتها واستخلاص معايير ومبادئ التعاقدات التأويلية المتحكمة فيها، ثم تحيين موادها وروحها في الاشتغال لتركيب أنساق قرائية قابلة للتوسيع، والتعميم، و الاستثمار، وهي مهمة الباحثين وكل المؤولين البلغاء.
أما المرجعيات التي اعتمدتها فهي متنوعة ،ولا يكاد يجمعها سياق واحد أو إطار معرفي محدد، يدخل فيها التاريخ ، والتفسير، والشروح، والنقد الأدبي، والبلاغة، والمنطق، وأصول الفقه، والتراجم والسير، والمعاجم ،والمناقب، والترجمات الحديثة، والدراسات النقدية، والفكر الإسلامي، والسيميائيات، واللسانيات وعلم الدلالة، ، ونظريات التأويل الغربية، والتصوف، وكتب النحو، الإعراب، وكتب اللغة، وعلوم القرآن ، والفلسفة.
وبما أن الكتاب يقوم على قوة اقتراحية، و تنظيرية، وتحليلية ، فهو يقدم مجموعة من المفاهيم ذات حمولة جديدة، وحتى تجد لها صدرا رحبا عند القارئ، فقد اجتهدت في تبسيطها داخل فصول الكتاب أولا، وخاصة في مفاتيح التقديم ، ثم بشكل موسع في الفهرس الخاص بالمفاهيم المقترحة، وهي تتسم بالوضوح، وتكتسي صفتها التعميمية الوافية بالمطلوب عند الاشتعال بها على النصوص والخطابات التأويلية.


تقوم التأويلية العربية على حركتين بارزتين:ارتدادية نحو المرجع والنقول والنصوص الغائبة. وحركة امتدادية نحو الغاية والمقصد، فيما لم تَرِد فيه نقول . وهما بلاغتان متلاحمتان ومتساندتان، تعمل في تواز معهما بلاغة الترجيح، وهي تقوم على المقاصد العامة للخطاب إذا عُرفت سلفا (حال الشريعة)، وعلى مواضعات اللغة والمساق الداخلي، واستحضار مقتضيات أحوال الخطاب، و كذا ملابسات الإنتاج.


توقفت في هذا الكتاب، عند الأطر الكبرى لتأويلية النص القرآني، وحصرتها في تأويلية الإفراط والتفريط والاعتدال، مع التمثيل لكل حالة من الحالات، مستخلصا أن بلاغة التوسط تظل الشكل المقبول والمقنع داخل هذه الأنماط القرائية، لاستناده على مقومات بلاغة تأويلية بالمواصفات التي حددتها.و بيَّنتُ مقومات بلاغة المؤوِّل، من حيث هي نتاج تفاعل معارفه وقدراته الذهنية والمنهجية و التنسيقية مع دوائر النص الصغرى والكبرى .


إن تصوري يرتكز على أن التأويل ليس بالضرورة بحثا عن مقاصد المؤلف، أو المعنى الصحيح، وإنما بناء ممارسة تأويلية مشروطة بقوانين، ومحددات، وأطر التعاقد التأويلي الذي يعمل في ظلها المؤوِّل، مستنتجا أن أفعال التأويل-كما هو الحال بالنسبة لقضاياه و إشكالياته الكبرى- تظل ذات بعد كوني؛ حيث إن الممارسة التأويلية ليست متعالية عن النصوص، وإنما هي جملة أفعال تبدأ بالافتراض والتخمين، ثم تتبع الدوائر الصغرى، معجمية وتركيبية والتي تنفتح عند الضرورة على الدوائر الكبرى .


وقد تطرقت في كتاب" التأويلية العربية"إلى بعض قضايا التأويل ( المعنى ، القصدية ، المساق، السياق...)، استنادا إلى وقائع حية احتفظت لنا بها كتب الأدب والتفسير ، مع التأكيد على أن العودة إلى هذه النماذج التراثية، من شأنه أن يساعد على بناء معرفة حقيقية بمشكلاتنا المعرفية الراهنة ، فهذه امتداد لتلك .
ويقدم الكتاب للقارئ ملامح منهاجية جديدة تؤطرها "التأويلية البليغة" سميتها " التأويل التقابلي"، وهو متضمن للمستويات التي تناولتها "الدوائر الصغرى والكبرى" . وبيّنت أن هذه المنهاجية تعزيز وتطعيم للنموذج القرائي الذي اقترحناه للاشتغال به على النصوص، إذ إن التقابل خاصية كونية وإنسانية وأدبية وتأويلية .و بحثت له عن الأمثلة التي توضح المقصود بكل عنصر من عناصره، مستفيدا من المباحث البلاغية، ومن نظريات قراءة النص، و المنطق، ومنجزات التأويلية العربية الإسلامية القديمة. وقد عرضت ذلك على النصوص الشعرية قديمة وحديثة، وعلى بعض النماذج النثرية فاستجابت لمنطلقاته وتطبيقاته.


يتضمن الكتاب، كذلك، تمثيلات للتقابلات النصية الصغرى، التي تدخل في بنية أي خطاب، مثل تقابل النظائر، وتقابل الأضداد، وتقابل التحاور، وتقابل الإثبات والنفي، وتقابل الخبر والإنشاء، وتقابل الفاعلية و المفعولية، و غيرها.وهي تبُين دور المنهاجية المقترحة في عملية قراءة النصوص وإقرائها لجميع مستويات المتعَلُّمين، إذ إن روح هذه الطريقة كونية شمولية، لا تفرق بين الأجناس والألوان و المستويات، فهي مثل الماء الذي يشربه الجميع. وهي قابلة للتبسيط والتطويع حسب مقتضيات الأحوال.


إلى جانب تناولت بالدراسة والتمحيص والاقتراح، التقابلات الكبرى الموسَّعة، في إطار عملية التساند، عبر مفاهيم تأويلية لدراسة النصوص بشكل واضح ومبسَّط. مثل: تقابل النظائر النصية، وتقابل النص وسياقاته، وتقابل عناصر النسق التواصلي، والتقابل النووي، والتقابل الاستتباعي، وتقابل النص والعنوان، وتقابل الوحدات أو الفقرات.


وقد اجتهدت في اختبار المنهاجية المقترحة على نص كامل لأبي الطيب المتنبي، فوقفت على البنيات النصية: الكلمات، والجمل، والأنساق النحوية والبلاغية، مستندا في فتح مغالق المعنى على مفهوم إجرائي وتأويلي، وهو" التقابل" الذي ينظم المستويات المشار إليها، منتفعا بكل الموارد الخارجية التي ينفتح عليها النص، بأي شكل من الأشكال؛ فقسمت النص إلى لوحات، تبعا لما مدَّني به التقابل النووي وتقابلاته الاستتباعية. كما انفتحت، ما أمكن ذلك، على بعض تصورات النقد القديم ، وعلى كثير من الموازيات النصية للشاعر نفسه أو لغيره، لتطعيم المعنى ودعمه، وعلى المعجم والمجال الدلالي لتداول الكلمات .


آمل أن لا ينحصر هذا الاجتهاد في النتائج التي انتهيت إليها، بتطبيقها على"لامية" المتنبي المدروسة، وإنما في الفلسفة والروح التأويلية التي توصَّلت إليها. والتي استخلصتها من جولات واسعة في حقول مختلفة من المعرفة: التفاسير، والشروح، وأصول الفقه، والمنطق، وعلم اللغة، وعلم النحو، والخطابات النقدية القديمة والحديثة، ونظريات القراءة الغربية، والأعمال النقدية العربية الحديثة، ودواوين الشعر، وكتب التاريخ، والمناقب، وعلوم القرآن...وهي جولات انتفعت فيها بما يدعم مقترحي، الذي صادفتني في بنائه صعوبات كثيرة على مستوى المراجع، وعلى مستوى التنسيق والتنظيم . وهو ما سينعكس إيجابيا على مقروئيته ، فلا شك أن تنوع موارده سيمتع قارئه. وسيكشف له أن وراء كل كلام بلاغة تقابلية تثير لديه شهية تأويل تقابلي.

كتاب التأويلية العربية : نحو نموذج تساندي في فهم النصوص والخطابات من تأليف محمد بازي والحقوق الفكرية والأدبية للكتاب محفوظة للمؤلف

تحميل  كتاب التأويلية العربية : نحو نموذج تساندي في فهم النصوص والخطابات pdf -  محمد بازي - مكتبة كل الكتب | تحميل وقراءة كتب pdf مجاناً (2024)

References

Top Articles
Free Bosch Benchmark NITP060SUC Use and Care Manual PDF | Manualsnet
Kyla Ross’ Timeless Wedding in Southern California Doubled as a Reunion for Almost All of the "Fierce Five" Olympic Gymnasts
What Is Single Sign-on (SSO)? Meaning and How It Works? | Fortinet
Pollen Count Centreville Va
Spectrum Gdvr-2007
Directions To Franklin Mills Mall
Hk Jockey Club Result
The Realcaca Girl Leaked
Rainfall Map Oklahoma
Moe Gangat Age
Amelia Bissoon Wedding
Byui Calendar Fall 2023
Race Karts For Sale Near Me
Trivago Sf
Google Doodle Baseball 76
Iroquois Amphitheater Louisville Ky Seating Chart
1973 Coupe Comparo: HQ GTS 350 + XA Falcon GT + VH Charger E55 + Leyland Force 7V
Zillow Group Stock Price | ZG Stock Quote, News, and History | Markets Insider
Dark Entreaty Ffxiv
Myql Loan Login
Getmnapp
Craigslist Ludington Michigan
Speedstepper
UCLA Study Abroad | International Education Office
Access a Shared Resource | Computing for Arts + Sciences
Taylored Services Hardeeville Sc
Pay Stub Portal
Red Sox Starting Pitcher Tonight
Craigslist Cars And Trucks Mcallen
Cars And Trucks Facebook
拿到绿卡后一亩三分地
Laurin Funeral Home | Buried In Work
Can You Buy Pedialyte On Food Stamps
Finland’s Satanic Warmaster’s Werwolf Discusses His Projects
Wisconsin Women's Volleyball Team Leaked Pictures
Rage Of Harrogath Bugged
Daly City Building Division
Fifty Shades Of Gray 123Movies
Invalleerkracht [Gratis] voorbeelden van sollicitatiebrieven & expert tips
Сталь aisi 310s российский аналог
Discover Things To Do In Lubbock
Trivago Anaheim California
Umd Men's Basketball Duluth
Ds Cuts Saugus
Foxxequeen
Random Animal Hybrid Generator Wheel
Collision Masters Fairbanks
Craigslist Marshfield Mo
Michaelangelo's Monkey Junction
Wera13X
4015 Ballinger Rd Martinsville In 46151
Guidance | GreenStar™ 3 2630 Display
Latest Posts
Article information

Author: Horacio Brakus JD

Last Updated:

Views: 6031

Rating: 4 / 5 (51 voted)

Reviews: 82% of readers found this page helpful

Author information

Name: Horacio Brakus JD

Birthday: 1999-08-21

Address: Apt. 524 43384 Minnie Prairie, South Edda, MA 62804

Phone: +5931039998219

Job: Sales Strategist

Hobby: Sculling, Kitesurfing, Orienteering, Painting, Computer programming, Creative writing, Scuba diving

Introduction: My name is Horacio Brakus JD, I am a lively, splendid, jolly, vivacious, vast, cheerful, agreeable person who loves writing and wants to share my knowledge and understanding with you.